لم يطعن في طهارة نسب الرسول صلى الله عليه وسلم أحد، حتى إن أعداءه شهدوا له بأنه من أشرف قوم وأشرف قبيلة وأشرف فخذ، كما ورد على لسان أبي سفيان عندما سأله ملك الروم قائلاً: كيف نسبه فيكم؟
إذاً الرسول صلى الله عليه وسلم هو كما قال عن نفسه في الحديث الذي رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه: إنما خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم، لم يصبني من سفاح أهل الجاهلية شيء، ولم أخرج إلا من طهره.
وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى من ولد إبراهيم اسماعيل، واصطفى من ولد اسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.
ونسبه الشريف يتسلسل كما ورد في صحاح الكتب كما يلي:
سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ويلاحظ أن النسابين متفقون على هذا التسلسل الذي ينتهي عند عدنان، وبعد ذلك اختلفت فيه الروايات.
لكن الذي ينبغي أن نعلمه يقيناً بأن الرسول من نسل اسماعيل وليس من نسل إسحاق كما ورد في بعض الروايات، ولذا فإنه عندما يطلق عليه ابن الذبيحين يراد بالذبيح الأول اسماعيل والذبيح الثاني هو والده عبدالله، ولكل منهما قصة معروفة في كتب السير.
والأمر الآخر الذي ألفت نظر القراء إليه هو أن أسماء أجداد الرسول التي وردت في سلسلة نسبه هذه ليست كلها أسماء محضة، فمثلاً عبدالمطلب اسمه شيبة الحمد وقيل عامر، وسمي بعبدالمطلب لأن عمه المطلب كان يردفه معه خلفه.
وكذلك عبد مناف اسمه المغيرة أما عبد مناف فلقبه.
وقصي اسمه زيد وسمي قصياً لبعده عن دار قومه، وكلاب اسمه حكيم أو عروة ولقب بكلاب لأنه كان يكثر من الصيد بالكلاب.
وفهر اسمه قريش، والنضر اسمه قيس، ومدركة اسمه عمرو، ولقب بمدركة لأنه أدرك الإبل التي كانت قد ضلت.
ويذكر الشيخ عدنان مولود المغربي في تعليقه على كتاب “نور اليقين في سيرة سيد المرسلين” من تأليف الشيخ محمد الخضري، أن عدداً من أجداد الرسول صارت لهم شهرة في قومهم أكثر.
فعبدالمطلب مثلاً كان زعيماً في قريش في الجاهلية، وكانت له السقاية والرفادة.
وهاشم غلب عليه هذا الاسم لأنه أول من هشم الثريد لقومه بمكة في إحدى المجاعات، وهو أول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء الى اليمن والحبشة، ورحلة الصيف الى الشام وغزة، وكان أحد الأجواد، لذلك انتهت إليه السيادة في الجاهلية.
وعبد مناف آل إليه أمر قريش بعد موت أبيه.
وقصي كان سيد قريش في عصره، وكان داهية، ولي البيت الحرام، وكانت له الحجابة والسقاية والرفادة واللواء.
وكعب كان عظيم القدر عند العرب، لذلك فإنهم كانوا يؤرخون بموته الى عام الفيل، وهو أول من سن الاجتماع يوم الجمعة الذي كان معروفاً بيوم العروبة.
وفهر كانت تنسب إليه قبيلة قريش، لأن اسمه كما قلنا قريش، وكان رئيس الناس بمكة وكان قائداً لكنانة.
وإلياس كان مثل لقمان الحكيم في قومه، وهو أول من أهدى البدن الى البيت الحرام.
ومضر هو أول من سن الحداء للإبل في العرب، وكان أحسن الناس صوتاً.
ونزار كانت له سيادة وثروة كبيرة في قريش.
ومعد كان صاحب حروب وغارات على بني إسرائيل، ولم يحارب أحداً إلا عاد منتصراً.